لماذا نهى النبي ﷺ عن طعام المتباريين أن يؤكل منه

موقع أيام نيوز

السؤال

فضيلة الشيخ أثابكم الله: ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث: "المتباريان لا يجابان، ولا يؤكل طعامهما".
وفي بعض المراكز التربوية، تقام مسابقة تسمى "أفضل طبق" بحيث تقوم الأمهات بإعداد الأطباق، ومن ثم يتم تقييم الأطباق، واخټيار ثلاث فائزات.
فهل هذه المسابقة تدخل في النهي، أم هي جائزة، علما أنه لا يتم ړمي أي شيء من الأطباق؟

أجزل الله لكم المثوبة والأجر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة ۏالسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المتباريان لا يجابان، ولا يؤكل طعامهما. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.

وفي سنن أبي داود عن ابن عباس، قال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن طعام المتباريين أن يؤكل. وأعله أبو داود ورجح إرساله، بينما صححه الحاكم وابن القطان.

قال البيهقي في معنى المتباريين: يعني المتعارضين بالضيافة، فخرا، أو رياء. اهـ.

وقال الخطابي: المتباريان المتعارضان بفعلهما، يقال تبارى الرجلان إذا فعل كل واحد منهما مثل فعل صاحبه، ليرى أيهما يغلب صاحبه، وإنما کره ذلك، لما فيه من الرياء والمباهاة، ولأنه داخل في جملة ما نهي عنه من أكل المال بالباطل. اهـ. من معالم السنن.

وقال ابن القيم في -أنواع الذوق- : أما المكروه: فكذوق المشتبهات، والأكل فوق الحاجة، وذوق طعام الفجاءة، وهو الطعام الذي تفجأ آكله، ولم يرد أن يدعوك إليه، وكأكل أطعمة المرائين في الولائم، والدعوات ونحوها، وفي السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " «نهى عن طعام المتبارين» .اهـ. من مدراج السالكين.

وفي المفاتيح شرح المصابيح: قوله: "نهى عن طعام المتباريين"، (المتباري): الذي يفعل فعلا ليكون مثل صاحبه؛ ولينشر ذكره مثل ما انتشر من ذكر صاحبه، أو ليغلب ذكره على ذكره، فأكل طعام هذين الرجلين منهي عنه؛ لأنه للرياء، لا لله. اهـ.

فيتبين مما تقدم من أقوال العلماء أن المعنى الذي نهي من أجله عن طعام المتباريين، هو ما فيه من الرياء والتباهي والمنافسة -وإن كان المفهوم مما سلف من كلام الخطابي وابن القيم النهي لكراهة التنزيه، وليس للتحريم-.

وأما بخصوص المنافسة التي وصفتها: فلا يظهر أنها داخلة في طعام المتباريين المنهي عنه، إذ ليس المقصود من هذه المنافسة التباهي والتفاخر بإطعام الطعام، وحينئذ فحكمها باق على أصل الحل والإپاحة.

لكن ثَمَّ مسألة يحسن التنبه إليها؛ وهي حكم المسابقات -عموما- وخلاصة ما يقال فيها: أن الشرع قد جاء بإباحة المسابقات في الأمور المباحة، إن كانت المسابقة بلا جائزة مادية -وليس منها مجرد منح شهادة مثلا للفائز، فهذه لا تعد جائزة منهيا من المسابقة عليها، وإنما هي مجرد إثبات للفوز والسبق- وأما المسابقات على جوائز للسابقين، فإن الشرع قد نهى عنها، إلا في أشياء مخصوصة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا سبَق إلا في نصل، أو خف، أو حافر. أخرجه أبو داود، وابن حبان في صحيحه، وراجع تفصيل هذا في الفتوى رقم: 257719.

والله أعلم.

تم نسخ الرابط